وصلا غرفتهما في الفندق الحادية عشر والنصف ليلاً بعد ثمان وأربعين ساعة متواصلة من عمل شاق لاستعدادات حفلة الزفاف والسفر إلى هذه المدينة الساحلية الخلابّة لقضاء أسبوع الزواج الأول بعيداً عن تبريكات الأقرباء وزحمة المهنئين.
أقتلع ذاتي من قلب الوجع، ويحملني ارتداد الصدى إلى عمق عمر لا ألمس ضفافه، ولا أشمّ رائحته..
هل أغوص في بحيرات الذاكرة.؟ أي عمق سأصل.؟ هل يردّني إلى ذلك المكان الذي ما فارق هذه الرأس الموجوعة..
تناهى نداء واثق إلى مسمعه يسبق جسداً يهبط الدرج نحو باب القبو، امتدت يده تطفئ موسيقى أوشك أن يغفو على لحنها الهادئ، ثم تحرك بتكاسل فتلاحق النداء الواثق متداخلاً هذه المرة بطرقات على باب غرفته المغلق: أستاذ زياد.. هل أنت نائم؟
لا يدري كيف خرجت منه حروف متلعثمة رد بها بسخرية على السؤال الساذج: نائم.
الصبر رفيق الإنسان القديم .. رفيق الإنسان الوفي في مراحل حياته المتقلبة ، دوماً يأتي نداء الصبر إلى الإنسان : يا أيها الإنسان ألزم حدودك . ويستعين الإنسان الصبور بصبره على الحياة فهو عندما يبلغ مرحلة متقدمة من مراحل الوعي ، فإنه يبلغ مرحلة متقدمة من مراحل الصبر .
وها هنا تتراود الأسئلة عن طبيعة الصبر ..
عن تعريفه .. عن مصدره وهل كل إنسان يمكن له أن يكون صبوراً أم أن الصبر نعمة تخص فئة دون فئة من البشر .