ما أن فتح "أمين" باب شقته حتى أقبلت عليه قطته لتتمسح به كعادتها كل يوم بعد عودته من العمل. رفعها إلي كتفه فالتفت حول رقبته، وذهب بها إلي المطبخ فوجد زوجته "سلوى" تحمل وعاء القطة، ألقي عليها السلام، ثم ملأ الوعاء باللبن ووضعاه سويا في ركن المطبخ حيث تعودت أن تأكل هريرتهما.
الشعراوي والـ24 قيراطا سمعت الشيخ محمد متولي الشعراوي ذات مرة يذكر نظرية جميلة ومقنعة ألا وهي نظرية الأربعة وعشرون قيراطا. النظرية تقول أن الله أعطي كل شخص منا 24 قيراطا من النعم (صحة، ذكاء، جمال، مال، ذرية ... إلخ) بيد أن توزيعها بيننا يختلف. لكن في المحصلة النهائية لكل منا 24 قيراطا، وطبعا العدد 24 للمثال فقط وليس للتحديد. فإذا كان لدى شخص ما الكثير من المال (10 قراريط مثلا) والجمال (5 قراريط) والذكاء (5 قراريط)، لا تقل "لم عند فلان كذا وكذا" لأنك إن دققت جيدا فستجد أنه لديه 4 قراريط من الصحة فقط وليس لديه أي قيراط من الذرية. وإذا خيل لديك أن لدى فلان كل شيء، فأنت واهم حتما. الأمر وما فيه أن لدى فلان هذا قراريط قليلة من كل شيء، لكن هل يا تراه يعي ذلك ويشكره أم تراه يتمنى لو يزيد أمر وينقص أمر؟ هذه ليست دعوة لترك الأخذ بالأسباب والتغافل عن السعي. لكنها دعوة للرضا إذا لم تفلح الجهود وإذا تقطعت الأسباب.
عقارب الساعة تعانق الثانية بعد منتصف الليل. تحاول النوم , فلا تستطيع، تنزعج من الصرير الذي يُصاحب تقلبه على سريره الحديديّ المُتهالك. بصعوبة تـنهض من سريرها , تنتعل حذائها الرث وتتجه نحو حجرته المجاورة. ظلامٌ مُخيف يجثم على أرجاء الشقة , وخطوط النور تزحف من تحت باب غرفته. صوتٌ مزعج يُصاحب فتحها للباب , تقترب منه وتهمس بصوتها الحاني:
كان يوسف مصرا كل الإصرار على إرسال طلبه، و كان يلح علي أنا أيضا أن أفعل لكنني أبيت. قلت له أنني، أبدا، لا أثق في البريد و لا في سعاة البريد . لدي شك دائم أن الرسائل التي أرسلها تسقط في المحيط أو تضيع في مكاتب البريد، و إن لم تفعل تكفل ساعي البريد بالأمر و رماها في أقرب بالوعة إليه. قال يوسف أنني أعاني من الوسواس القهري فلم أبالي. قال – أيضا – أن الأمر لن يتطلب مني مجهودا كبيرا، فقط علي أن أمنحه صورة من مقاس 5/5 سنتيمترات و هو سيقوم بالباقي.
مع بداية نزول الوحي على سيد عظماء الرسالة السماوية محمد صلى الله عليه وسلم قال جبريل عليه السلام لمحمد الذي كان في غار حِراء يتأمل هذا الكون الكبير وسكون الصمت يشقه صوت يقول له : اقرأ! واقرأ فعل أمر جاءت على وزن افعل ، والفعل هنا حركي لساني يرتبط بالذاكرة وبتفعيل آلية حركة المخ . فالقراءة تعني تعلم اللفظ الصحيح للكلمة لمعرفة معناها ، والقراءة قسمان : الأول لفظي والثاني معرفي، ولولا القراءة ما عرف الإنسان تاريخ البشرية، ولا قدر له أن يعلم ويتعلم ويعلم * علم الإنسان ما لم يعلم*.