ليت الأنفاق في بلادنا طويلة عكس حياتنا، يضنينا شتاء يغمر سعادتنا، وحزننا، وطقوس موتنا الرتيبة. التي تبعث الملل في نفوسنا الراحلة. ولا شيء يخدع أعمارنا سوى المياه التي تخدع عطش جفوننا، والزيوت ترشح طيلة الوقت من وجوه الجبناء والكذبة.
الجبال وحدها ترى وجع عيوننا الشاخصة للبعيد. هذه المرة، لا أدري الى اين ستأخذنا آلة الزمن والحرب. الى أين سنهرب من عاهات هذا الوطن المستديمة. أخبرني يا شارل!
(1)
للمرة الألف تتصل بى ، للمرة المليون تفهمني خطأ ، اليوم فقط – للمرة الأولى – وجهاً لوجه تفكك ملامحي إلي دهشة بدون غد .
(2)
أعجبها فناورته ، بَنَت جسراً من الرقة ، أصبحت تعجبه الآن ، وكل منهما يعبر تجاه الآخر بحذر غائب .
الأشياءُ الهندسيّة الخطّية ، تنشفُ في الغفلةِ اللغمِ المفقود ..
بالرغم من أنّها مجرّد رسم مُقعَدْ !..
تقعُ في سُبات ..
داخل الكبدةِ تنمو ..
ثمّ يبدأ الخدش بالأصبعِ الصغير ،
فلا تُفهم .. !
تتطوّرُ عاطفة عاصِفة ..
فيُحسُّ سائلاً أو رأساً حاداًّ يُدق بتردّد ..
يُحسّ جرساً في الدم يحرّكه فوضى ,..
قُطنٌ حنون و دافئ في سماوات فَرْو زُجاجيّ على مدّ البصر يتكسّر بلّورها ريشَ عِفّة و كرامة و أنواراً مُتداخلة برّاقة . كنتُ في مكان حقيقي .. يوجد الآن على هذا الكوكب ! . لم يكُن هناك مَوْت أو أنّه كانَ لكنّه لا يؤلمُ و لايُقرّح اللحم الأنسي كالعادة .. فلاتتوجّسهُ ! ليس هُنا انتظار الشيطان ؛ مثل أن تنتقل من حلم الى آخر الى آخر حتى اللاّنهاية .
(1)
- " للهواء نكهة أخرى حين يتنفسه من نحبهم " .
يقولها لي دومـًا كلما جلست إليه ، مشيراً إلي أحفاده الذين يعطرون وجوده بالبهجة ، وهم يحيطون رقبته بأذرعهم .
حين شَبَّ الأولاد لم يعد يراهم إلا قليلاً ، وبانقطاعهم عنه انزوى في ركن مظلم ، وشرب الصمت .
وحين انفلتت منه الدموع ، طبع في قلبي أنفاسه الأخيرة ومضى .