تسمت الفترة الحالية بمساجلات وصراعات عديدة حول طبيعة المرحلة الأدبية التي يشهدها الأدب في المدى المنظور وطبيعة ما سوف يتلو ذلك في المستقبل القريب ويمكن القول أنه لم تخل مطبوعة أدبية ما أو حتى شبكية أدبية من إشارة فصيحة أو تلميح خفي إلى هذا الموضوع بعينه ، وقد شغل الأمر عددا من الأدباء والشعراء والنقاد فأدلى كلٌ منهم بدلوه ، ويمكننا القول أن جلهم قد اتفق على مصطلح الحداثة لوصف أدب المرحلة المنصرمة إلى عهد قريب واختلفوا حول ما سيتبع ذلك حتى توصل بعضهم إلى الصيغة السحرية القائلة بما بعد الحداثة وبدأ ت المحاولات النشطة من كل حدب وصوب نحو استقراء طبيعة وخواص هذه المرحلة أو لنكن أكثر دقة بالقول نحو محاولة استحضار سمات القوالب الصياغية لقواعد المرحلة المقبلة .
في ذات عام جلست لامتحان لاختبار عقدته وزارة الخارجية السودانية لاختيار دبلوماسيين شباب، ونجحت في الامتحان التحريري والمقابلة الشفهية، وكنت ضمن من تم تعيينهم بدرجة سكرتير ثالث، ولكنني لم أستمر في تلك الوظيفة أكثر من ثلاثة أسابيع، فقد قرروا إلحاقنا بـ"معهد التنمية الإدارية" لنحو ستة أشهر وكنت "ما صدقت" إني تخرجت في الجامعة وارتحت من المحاضرات والامتحانات، وقاطعت الدورة الدراسية فتم تفنيشي.. ولم أحزن لذلك فرغم أن العمل الدبلوماسي ممتع ويوسع المدارك، إلا أنه قد ينتهي بك في بلد "حفرة" تظل تناضل طوال أربع سنوات للخروج منها، وكنت خلال عملي بالسفارة البريطانية في الخرطوم على علاقة طيبة بمستشار السفارة الذي كان دائم الشكوى من أنه ومن فرط غبائه درس العربية وانتهى به الأمر بـ"تدبيسة" في العالم العربي،
غياب التجانس السياسي،والتوافق المفاهيمي الأيديولوجي الذي هو عنوان حكومة المصالحة الوطنية الجزائرية،أصبح يثير جدلا مثيرا للغاية هذه الأيام داخل الأروقة النظامية تغذيه كما درجت عليه العادة الصحف اليومية.فالتشكيلية الحكومية على رغم الوصف الذي لقيته باكورة تركيبتها أنها صهرت ولأول مرة في التاريخ الجزائري كل الحزازات السياسية،وكل الأبعاد الأيديولوجية في بوتقة سياسية كبيرة واحدة
*) ما يهمنا هنا والموضوع يخص الثقافة العربية ، ان هذه الثقافة التي يفترض بها أن تكون العنصر المؤسس والداعم والمؤيد والحامي للهوية العربية بعامة والعروبة الثقافية بخاصة بكل ما تمثله من قيم ومثل وسلوكات موروثة ، قد أخذت تتعرض لتحديات ومخاطر بدأت افرازاتها تطفو على سطح الواقع العربي ، ويخشى مع استمرارها أن تشكل مشهدا لا يمت قلبا وقالبا الى العروبة بكل ابعادها .
لطالما نشأنا وترعرعنا على أن "اليهود" يتصفون بالجشع والبخل والجبن وبحبهم الشديد لجمع المال بمختلف الطرق. لقد عشنا دهرا من الزمان ننام ونصحو على هذه النمطية التي أثبت الزمن خطأها وأسقطها الواقع المعاش في فلسطين وخارج فلسطين. نرى اليهود في العالم متضامنين ومتكافلين فيما بينهم ويدفعون بسخاء لدعم كيانهم في فلسطين. يدفع أغنياؤهم بسخاء وتكاد تبرعاتهم تصل إلى البلايين. ولا ننسى شعار الوكالة اليهودية "إدفع دولارا تقتل عربيا". (فـأين منظمات حقوق الإنسان من هذا الشعار حاليا؟) فأموال اليهود في أمريكا وفي أوروبا هي التي بنت وتبني المستعمرات في أرض فلسطين التاريخية وتهود القدس وتغير معالم الأراضي المحتلة. سيطروا على وسائل الإعلام والإنتاج السينمائي في مختلف أنحاء العالم وذلك، في المقام الأول، للترويج للمشروع الصهيوني وديموقراطية الكيان الصهيوني المهددة من جيرانها العرب. ونحن في المقابل، فلسطينيون وعرب على السواء، نختلق كل الأعذار كي لا ندفع فلسا واحدا في سبيل الدفاع عن وجودنا فضلا عن الدفاع عن حضارتنا وثقافتنا.
تحدثت أمس بحرقة عن الـ12 مليار ريال التي يحرقها المدخنون السعوديون سنويا، وأعرف أن من يقومون بحرق ذلك المبلغ الضخم يعتبرون أن المسألة تستأهل، فالمهم عندهم هو أن السيجارة تجعل المزاج رائقا والأعصاب هادئة، طيب هناك كذا مليار آدمي على وجه الأرض لا يدخنون ولا يعانون من انفلات الأعصاب والتوتر.. بعبارة أخرى فإن السجائر هو الذي يسبب التوتر والنرفزة، بمعنى أنه لو لم تكن أو تصبح مدخنا لما جعلك الحرمان من التدخين عصبيا،.. ولأنني أعرف أن الإنسان بطبعه يضيق بالوعظ والنصائح، لأنها تعطيه الإحساس بأنه مقصر أو قاصر وأن الناصح أو الواعظ يقوم بدور "الوصيّ"، فإنني أقول للمدخنين إنني صاحب تجربة ضخمة في مجال التدخين، وقد كتبت عشرات المرات عن أنني بدأت التدخين بنوع من التبغ يُزرع عندنا في شمال السودان، رائحته أسوأ من رائحة الجورب (الشُرّاب) المحترق، ثم مررت بطفرة حسبتها حضارية واستخدمت سجائر ينتجه مصنع محلي، وكنت طوال استخدامي لذلك السجائر أصاب بالسعال الدجاجي ست مرات في السنة