قانون الاختيار وثمن النجاح
للكاتب هنري فريدريك كوب
ترجمة: أمل عمر الرفاعي
لن تَضيع حياتنا إن عشناها بمحبة.
الثروة الوحيدة التي يمكن أن يمتلكها المرء بالفعل هي ما نحتفظ به في قلوبنا.
المحبة لا يمكن أن تضعُف مطلقًا حتى لو واجهتها الصعوبات من جميع الجهات.
تكمُن قيمة المرء بما ينشره حوله من سعادة.
كلُّ ما ندّخره بسبب الأنانية لابد أن نخسره من مصداقيتنا لأنفسنا.
أكبر الإساءات للإنسانية هي أن يتظاهر المرء بالكمال.
ليس النجاح بالسعي فقط لأداء أحد الأشياء الرفيعة والنبيلة وإنما بالاستمرار بالسعي الدائم لتحقيق ما هو أكثر رفعة .
*قانون الاختيار*
تقول بعض الكتب السماوية:
لو كانت يدك أو قدمك تؤذيك فلتقطعْها ولتبعدْها عنك.
لكننا قد نجد بأن من العسير تقبُّل هذا القول في هذا العصر؛ لأنه قد يجعلنا نتساءل لِمَ علينا أن نتخلى عن الحياة ما دامت قد مُنحت لنا؟ ولِم علينا أن نقمع ونكبح جميع رغباتنا؟
لأن كلًّا منا يرغب بأن يكون حرًّا، وبألا يكون عليه أن يكبح دومًا مشاعره ورغباته وبألا يكون مقيّدًا!
فلو كان ما تحثّ عليه التعاليم الدينية يعني فقط - وبكل بساطة - ما أوردناه وهو: أن يكون على المرء ألا يُلبي جميع رغباته مهما كانت بسيطة، وبأن يكون عليه أن يُعرض دومًا عن كل ما يتطلّع إليه، وبأن يقمع جميع مشاعره مهما كانت، فقد يكون في ذلك ما يتناقض مع قانون الحياة ومع الطبيعة الإنسانية التي فطرنا الله - تعالى - عليها.
لذا فهناك فلسفة أخرى تقول بأن على المرء أن يعيش حياته، وأنّ له حريته بأن يفعل كلَّ ما من شأنه أن يُحقق ما يتوق إليه، وبأن مشاعر المرء بحد ذاتها هي المبرر الكافي لأفعاله. فما دام المرء قد خُلق حرًّا؛ فلندعْه يُحقق ذاته، ولندعْه يُعبّر بكلِّ حرية عن أفكاره وعن ميوله ورغباته، وأن ندعَه يستفيد من كلِّ ما لديه من إمكانيات...
فلو اعتقد الشخص المعتدل العادي بأنه لو يقارن بين الفلسفتين فلابد أن يكون عليه اختيار إنكار الذات بأن يعمد إلى كبح كل ما لديه من رغبات، فسوف يكون مخطئًا تمامًا؛ لأنه سوف يتساءل أليس في ذلك ما يتناقض مع طبيعته الإنسانية؟
أليس في ذلك ما يُعتبر قمعًا للغرائز والفطرة؟
أليس في ذلك ما قد يجعل حياة المرء بكاملها عبارة عن نضال مستمر مع النفس؟
أليس في ذلك ما يُضعف القِوى بدلًا من أن يكون وسيلة المرء لتحقيق النجاح ولتحقيق الأمثل لذاته؟
لذا دعونا نُجرّب تطبيق فلسفة أخرى هي فلسفة الحياة الأمثل، الحياة الأكثر غنى، الحياة التي ثبت ما كان لها دومًا من نتائج أكثر ايجابية بالنسبة للمجتمع لكي ندرك ماهية الحياة الأفضل...
فهل كان ذلك لمن تركوا لأنفسهم حرية الانصياع لجميع رغباتهم؟ أم كان لمن عزّزوا نمو تلك الغرائز وتأصُّلِها في نفوسهم حتى لو كانت جذورها شائكةً مرّةً وسامّة؟ وهل هي لمن تركوا للجانب الحيواني حرية التحكم بهم لأقصى مدى في حياتهم؟
هناك دون شكّ في الإجابة على ذلك ما سوف يشير إلى عدم الإنسانية؛ ذلك لأن الحياة الغنية، ولأن الحياة الأكثر غنى هي حياة من عملوا على تطبيق التعاليم الدينية، ولأنها حياة من تعلّموا قهر النفس، ولأنها حياة من جربوا
إنكار الذات...
فلمْ يكن ما أرشد الإنسان للتقدم في هذا الكون هو أنانية التصرف ولا الاستسلام للأهواء المادية، وإنما هو تكريس الذات للفضيلة والإعراض عن كلِّ ما هو من الرذائل وهذا ما فعله جميع الجبابرة...
ومثل هذا القانون ينطبق على جميع الأمور، فعلى سبيل المثال لو أردتَ الحصول على زهرة مثالية في حديقتك فسيكون عليك أن تقتلع كل ما حولها من أعشاب ضارة، كما أن عليك أحيانًا أن تزيل أيضًا الكثير من الأوراق، وحتى أن تقطع الكثير من البراعم؛ لكي تتفتح تلك الزهرة الرائعة بكل ما فيها من جمالية... وينطبق هذا
الأمر على بذور شخصية المرء ففي الكثير من الحالات عندما لا تكون هناك أية ضوابط على تصرفات المرء يكون كبح غرائزها بمثابة ما على المرء أن يقتلعه من أعشاب ضارة حول النبتة أو الزهرة المثالية الجميلة...
*الحياة اختيار* ولكن لا يعني هذا أيضًا اختيار حياة التضحية أو الحرمان الكامل؛ لأن المعاناة سوف تكون حينذاك هي الثمن الوحيد الذي سيجعل المرء يسعى به إلى الكمال. ومن ناحية أخرى لا يمكن أن يتم تحقيق الذات بأن يترك المرء لنفسه العنان بأن يفعل ما يشاء؛ لأن ذلك يُعدُّ جبنًا، ولأن من شأنه أن يجعل المرء يمتنع عن بذل أي جهد للتخلص من العادات الضارة السيئة ومن قيامه بتهذيب طباعه، ولأن كل ما يفعله المرء حينذاك سوف يكون بأن يترك نفسه على هواها وبذلك لن يقطف سوى الألم، ولن يحصل على أية إمكانية للشعور بالسعادة
الحقيقة، ولن تكون لديه العين التي تميّز بين الخير والشر، وبين الحقيقة والوهم، وبين الجمال والقبح...
نعم!
تلك حكمة الله - سبحانه وتعالى - خالقنا ومُرشدنا، عندما طلب منا إنكار الذات، والانتصار على النفس؛ لأن الله - تعالى - هو وحده العظيم، ولأنه وحده الذي سخّر لكلٍّ منا جميع القدرات لخدمة إخوتنا في الإنسانية، ولأن في هذا ما يجعلنا نتوجّه نحو الهدف السامي للحياة وهو بأن نعمل على تحقيق الهدف الأساسي المقدس للحياة.
التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي
يتبادر إلى الذهن حين محاولة توصيف الأنثى بأنها فتاة أم امرأة تلك الأفكار والتعريفات المغلوطة التي نسمعها من الكثيرين، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإنك إن جئت تسأل أحدهم عن توصيف الفتاة فإنه سوف يرد عليك قائلاً أنها تلك الأنثى التي لازالت تعيش في بيت أبيها تدرس أو أنهت دراستها ولكنها لم تتزوج بعد.
وإذا ما أراد أن يصف لك المرأة فسوف يقول لك أنها تلك الأنثى التي تزوجت وأنجبت. وهنا تكمن المغالطة.
يعتبر ويليام ماركيز(1930) أول من وضع مصطلح الازدواجية اللغوية٬ مقترضًا ٳياه من الحالة اللغوية اليونانية والقسم الألماني من سويسرا٬ حيث يتم التمييز بين العامية بوصفها لغة تستعمل لغرض تواصلي مقابل الفصحى ذات الوظيفة الكتابية. ويطلق شارل فرجسون (Ferguson charles ) على الفصحى النمط العالي بينما يطلق على العامية النمط الدوني. ويعكس النمط الأخير موقعه داخل الجماعة التي لا تحترمه واصفة ٳياه بنعوت سيئة٬ بينما يحتل النمط الأول مرتبة رفيعة كتراث ثقافي وديني.
قام الباحثون بعد ذلك بتعديل تقسيم فرجسون في ثلاث نقاط: أولا: ٳذا كان فرجسون قد حصر النمط الدوني في كونه منبثقا من النمط العالي٬ فٳن الباحثين يعتبرون الازدواجية اللغوية تعبيرًا عن تنوع البنى الاجتماعية اللغوية داخل الجماعات اللغوية. ثانيا: ٳن عدم تكافؤ القدرة اللغوية في استخدام النمطين جعل الباحثين يميزون بين توجهين اقترحهما فيشمان( Fishman Joshua ) :الجانب الاجتماعي اللغوي٬ يستخدم خلاله مصطلح الازدواجية اللغوية . ثم الجانب النفسي٬ يستخدم فيه مصطلح التعدد اللغوي الذي يرادف تمكن المتكلم لأزيد من نمط لغوي واحد. ثالثا: ٳجراء تعديل يتجاوز سيادة الاعتقاد القائم في استخدام نمط أحادي دون الآخر٬ مادامت منطوقات المتكلم توجد على خط يشمل تنويعات لغوية.
الجميع يعرف قصة أليس التي لحقت الأرنب إلى بلد العجائب (Alice's Adventures in Wonderland) أتذكر عندما كنت طفلاً أتعجب من ذلك الأرنب الذي ينظر إلى ساعته، وسقوط أليس في تلك الحفرة لتدخل عالم لم يدهشها، فالأطفال لا يندهشون من العوالم الجديدة، رغم أن قصة أليس لا تنتهي فهي مستمرة، سألت كيف استطاع هذا الكاتب (لويس كارول) أن يفكر في قصة خيالية وهو مدرس رياضيات؟ وكيف اختار طفلة ولم يختر طفلاً شقيًّا مثلي؟ كان يدخن سجائره الأولى وهو يرتعد من عقاب الوالد، ثم سألت هل يعقل أن رجل انجليزي يستطيع أن يكتب قصة غريبة مثل قصة أليس في بلد العجائب بدون فكرة أم؟ ثم تذكرت الحقيقة أن كل القصص الغربية كتبت بروح شهرزاد التي كانت بطلة ألف ليلة وليلة فالجميع يعرفون الجني الذي كان محبوسًا في مصباح، والذي أصبح خادم علاء الدين، ولا أحد ينسى تلك المغارة التي دخلها علي بابا فكل هؤلاء الأبطال هم عائلة أليس الحقيقيين، أما الأرنب فهو ذلك الخيال الذي يخرجنا من عالم إلى عالم آخر، فنحن لم نستفد من كتاب ألف خرافة وخرافة بينما الغرب تعلم أن يخرج منها الكثير من القصص الغريبة التي تحولت إلى أفلام وقصص تجعلنا نشعر بتلك الدهشة، فالدهشة هي القوة الوحيدة التي تجعلنا نتنفس كالأطفال، لم تكن شهرزاد إلا تلك الحسناء التي تروي القصص فكل قصة هي أم القصة التالية لتسكت قبل الفجر وهي أمام ملك تعلم بأنه سيقتلها مع انتهاء القصة فكانت كل القصص كالدمية الروسية (ماتريوشكا) فكل قصة طويلة تليها قصص قصيرة، كيف تستطيع امرأة الإبداع بهذه الطريقة وهي تنتظر عقوبة الإعدام مع انتهاء كل قصة؟ وهل كان كاتب القصة الحقيقي يعاني نفس ألم شهرزاد وهو مصير الموت؟ ولماذا جعل من روح بطلته كل شيء ولم يظهر هو؟ ثم لماذا يظهر مرة بصورة سندباد ثم بصورة الشاطر حسن؟ وكلاهما يمارس التجارة، ثم يظهر بصورة علاء الدين وعلي باب اللذان
عمليًا المسائل التي لا يمكن تصنيفها ضمن الإطار الطبيعي الواقعي المادي تُصنف ضمن إطار الفيما ورائيات، باعتباره أحد فروع الفلسفة المهتمة بدراسة المبادئ الأولى والوجود. بما يجعله يتناول بدراسته ظواهر النفس المختبئة، ليُدخل في مناقشة الظواهر الغريبة مثل الجن والأشباح والتخاطر. إنما ثمة فرق بين علم ما وراء الطبيعة والخيال العلمي، أما الأول فيدرس أشياء ملموسة في حياتنا إنما نعجز عن تفسيرها أما الثاني فيكون من تأليف البشر كمحاولة لابتكار أشياءً جديدة، أو لتنمية القدرات عند الشخص. إنما كليهما قد يلتقيان معًا في الأفكار؛ من مثل: السفر عبر الزمن أو ابتداع المُتحركة بديلاً عن الساكنة والتقنية الذكية مثيلة الروبوت في أجزاءها وموادها وتربيطاتها ومنها مبدأ ميكنة إدارة الشيء (الحركة الآلية الدافقة) وآخرها العالم الافتراضي.
عند الحديث عن موضوع ما، والغوص فيه، لابدّ من معرفته جيدًا، فإنْ تعذر لابدّ من الإلمام به على الأقل، ثم الصدق في القول بعد ذلك، ورسم خطة واضحة لعرضه، وكلّ ذلك عناصر أساسية لا ينكرها أحد؛ لأنها تعين على الوصول إلى النجاح في تحقيق الغاية، وتعطي الأمل، وتزرع الثقة، في اجتياز اختبارات صعبة في الحياة، وتسهم في صقل تجارب الإنسان بالحكمة والخبرة والمران؛ تلك التي لا يستغني عنها عاقل.
إنّ معرفة الأمور معرفة واسعة عميقة، تحثّ الدماغ على تحريك خلاياه، وتفعيل ملكاته، فتدفعه للتطور، وتقرّبه من الحقيقة، وتجعله في مرتبة أعلى من التي هو فيها. أمّا الواقع، فليس هو الصورة التي نمارسها بجوارحنا، لذا أصبح ينفصل عنّا، ونبتعد عنه، ففي زمننا هذا، يجوز أن تفعل ما لا تقول، وأنت مرتاح، وتقول ما لا تفعل وأنت صادق؛ لأنّ المرء عند غياب الموازين السليمة، والمعايير العادلة، لا يلجأ للكيل أو التحكيم، فخاصية الذات أو(الأنا) في بعض النفوس التي لا ترى سواها في المرآة، ترفض أن تتقبل معادلة الوزن بالقسط، ومعيار المثل. لذا لا كيل إلاّ لمن انتصروا على ذواتهم، وهزموا شياطينهم، وخرجوا من عبودية الأهواء، إلى فضاء الفطرة السليمة، وذوق الناس العام. وأولئك هم قليل، وربما تعود قلتهم هذه إلى تمسكهم الشديد بمبدأ ما، ورفضهم لمبدأ آخر، لقناعتهم أنّ الشمس تأتي من المشرق ولا يمكن أن تأتي من الشمال. والواقع ينطق بصدقهم؛ إذ لم نسمع أنها جاءت من اتجاه آخر.
الصفحة 61 من 432