يجب أن يؤمن العرب بعروبة التاريخ، وهذا أسميه بالمصطلح الجديد الذي هو الحل، ألا وهو: التعريب السياسي. وهذا بنشر فكر عربي معادٍ يقوم على عداء اليهودية بمفهوم عرقي. يجب علينا أن نعامل اليهود على أنهم أجسام متحركة لا روح فيها (زونبي)؛ لقد احتلوا أراضي عربية، وقتلوا الكثير من جنسنا، أعلنوا الحرب على كل ما هو عربي. ولأن التاريخ يثبت لنا أن القيم تبعث من جديد. عندما يبدأ رجال مثلي في التفكير في مشروع ومبادئ جديدة مضادة للفكر المعادي للقيم التي فرضت علينا الوجود، فالكتابة هي الخطوة الأولى في مسيرة الفكر الثوري؛ لأن عملية البناء تبدأ بالكتابة من العقول المحاربة لأفكار معادية للعروبة، لأن الصراع الفكري هو مقدمة كل حرب دموية. فالرسالة الإسلامية احتاجت دومًا للعرب لنقلها من مكان إلى مكان، فالصراع الحضاري هو بداية تاريخ جديد.
من المستحيل أن نتوقع حضارة عربية تسيطر على العالم بدون أن تفدي نفسها بالأرواح. إن الحضارة تبنى بالدماء والدموع، وهدفنا لا ينتهي؛ فهو عملية بناء مستمر إلى أن يتحول هذا العالم الى اللون الأخضر.
إذا أردت السلام فعليك أن تُعد للحرب!
أي درجة من الإكراهات يحملها هذا المنطوق الشِعاري للرومان على سطح الخطاب ضمن البنى التحتية اللاشعورية ؟!
في قراءة مقابلة للنص نرى المعنى الضدي يختبئ في قاعه و يحتاج إلى تنقيب للكشف عنه وإظهاره ليصبح الشعار:
"إذا أردت السلام فعليك أن تُعد للسلم"
ماذا كان اسمها؟ تلك الأم التي أحنت ظهرها في ذاك المصنع المشنوق بالزحام والمخنوق بالدخان وروائح الأصباغ؟ تلك التي أمسكت بالأكواب الخزفية وأخذت تلوّن الشخصيات الظريفة، والمقابض المزودة بكائنات محببة. ولماذا كانت تفعل كل ذلك؟ على أمل أن تراها امرأة ما في العالم السعيد فتبتاعها لأبنائها، فتعود تلك ... تلك الأم التي لا أعرف اسمها إلى بيتها ببضعة يوانات لأبنائها.
ترى، هل حظي أي من أبنائها بكوب ظريف مصبوغ يدويا؟ لا، هذا ترف لا تقدر عليه لا يحق لأبنائها. لا تنفك صورتها المتخيلة مطبوعة في رأسي. أشعر بأني رأيتها من قبل، وجهها الذابل، التجاعيد التي على شكل مروحة المحيطة بعينيها، نابها الأيمن الأكثر اصفرارا من بقية أسنانها. آه، لو أستطيع أن أعرف اسم تلك المرأة التي تستعمر تفكيري منذ رأيت تلك الأكواب!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
من أين نبدأ؟ وكيف نبدأ؟ وماذا عسانا نقول؟ حين تنقلب المفاهيم، ويسري التعفن الفكري في جسم الأمة الإسلامية؟ ولعل الأسباب كثيرة، والعقبات متنوعة؛ فأمة اقرأ لا تقرا، واكتفت بأخذ القشور من غيرها، ونسيت أو تناست المكانة التي فضلها الله بها على سائر الأمم ، فيا عجب لمن يلبس الإسلام قناع غيره! أولا يصلح الدين إلا بالتفلسف؟ وما ذنب أولئك الأولين الذين لم يطلعوا على كتب الفلسفة؟ أيحاسبون على ذلك؟ وإذا كان هؤلاء المتفلسفة يضربون المثل بسقراط أو كما يطلق عليه شهيد الفلسفة؛الذي قدم رقبته لأجل مبادئه؛ فإن هناك ملايين المسلمين الذين قدموا رقابهم في سبيل الله ولا يزالون.
تعتبر ثانوية الشهيد العربي بن مهيدي (1923-1957) بولاية بسكرة، من الثانويات العريقة في دولة الجزائر؛ حيث بنيت في عهد الرئيس الراحل الهواري بومدين، وتميزت هذه الثانوية بتقاربها في الشبه مع الجامعات الجزائرية؛ حيث وفد إليها الأساتذة من كل الدول العربية والأوربية، وكان من بين هؤلاء الأساتذة: أستاذ فرنسي، قبل التدريس في الجزائر، وهي لا زالت فتية خارجة من استعمار تجاوز القرن باثنتين وثلاثين سنة؛ ليدرس التلاميذ العرب اللغة الفرنسية بروح الاستقلال، بعيدة عن تسمية L'INDIGENNE و عن شعار الجنرال ديغول (الجزائر فرنسية). كان التلاميذ العرب من حوله في قمة الأخلاق الإسلامية، يحترمونه وكان هو يكسر العقدة الاستعمارية ويترك تقاليده خلف البحر الأبيض المتوسط، وقد حاول أن يتبنى شعار الإنسانية طيلة الموسم الدراسي، تعلم من التلاميذ (السلام عليكم) وحاول أن يقدم لهم الثقافة الفرنسية وأن يحكي لهم قصة جندارك (Jeanne d'Arc) التي قادت الثورة ضد الانجليز وأن يقدم لهم القائد العسكري نابليون ( Napoléon Bonaparte )بعظمته التاريخية دون أن ينسى دور فرنسا في الثورة 1789الفرنسية التي نشرت حقوق الإنسان للعالم، وكان هدفه نشر فكرة بين تلاميذه بأن هناك فرنسيين طيبين يحبون العرب، ولأنه كان يسمع عن الطبخ العربي كان يلبي دعوات الأعراس الرائعة التي يتكرم أولياء التلاميذ بدعوته لحضورها ليشاركهم فرحتهم، وليتعرف على ثقافة العرب المسلميين، وبأنهم ليسوا مخربين مثلما كانت الصحافة الاستعمارية تصور العرب على أنهم مخربين [فلاقة]، فكان الطبخ العربي والأغنية البدوية لسكان الصحراء تستهويه.
واعتاد تلاميذ ولاية بسكرة أن يقيموا حفلة في نهاية كل سنة، فطلبوا من أستاذهم الفرنسي أن يشاركهم الحفلة لأن المأدبة ستكون على شرفه، فوافق ورحب بالفكرة، ثم طلب منهم طبخة الكسكي [البربوشة] باللهجة العامية لمنطقة الصحراء؛ إذ لم يتذوقها، فقبلوا طلبه ،وفي اليوم المحدد للحفل جاء الشباب بقصعة الكسكي وطلبوا من أستاذهم التقدم منهم والجلوس؛ ليشكلوا دائرة حول القصعة. الا أن الأستاذ تغير لونه الى الاحمرار، ثم طلب نصيبه في صحن انفرادي ليأكل على الطريقة الفرنسية، فابتسم له تلميذ من بين التلاميذ البساكرة وقال له: أستاذ بيار لقد درستنا الاشتراكية وقيمها، حيث لا تكون مكانة للفرد وسط الجماعة، إذن فنحن العرب ثقافتنا تشبه بعض الشيء هذه الاشتراكية ،أنتم في أوربا تحبون الصحون الصغيرة ،لكن نحن العرب نحب هذه القصعة (الصحن الكبير) وناكل بالتساوي فان شبعنا نشبع كلنا بدون أنانية وهذا قبل ظهور كارل ماركس والثورة البلشفية، تعال أستاذ بيار واعتبر نفسك اليوم اشتراكيا ليوم واحد. ابتسم الأستاذ الفرنسي وقال :هذا بالفعل ما فقدته فرنسا: (روح المشاركة) ثم تقدم وجلس يأكل مع تلاميذه ،وهو يشعر بأن هؤلاء العرب طيبون.
التدقيق اللغوي: سماح الوهيبي
إن المهتم بمبحث الإعجاز العلمي في الإسلام قد يسجل ملاحظة أساسية، مفادها أن بعض المتخصصين في هذا العلم يحاولون جاهدين إثبات أن الكثير من الحقائق الفلسفية والفيزيائية والفلكية والطبية، التي توصلت إليها العلوم الإنسانية والحقة المعاصرة سبق للإسلام أن أثبتها قبل حوالي خمسة عشر قرنًا، سواء في القرآن الكريم أم في السنة النبوية. وهذا ما يترتب عنه نقاش ساخن في المشهد الثقافي العربي والإسلامي بين مختلف التيارات الدينية والفلسفية، ينحرف فيه هذا النقاش أحيانًا عن مساره الموضوعي، فيستحيل النقد البناء انتقادًا هدامًا، وينقلب الحوار الهاديء إلى تشكيك وتبخيس واتهام.
قد يرى البعض أن علماء الإعجاز العلمي يمارسون من خلال استحواذهم المتكرر على نتائج الاكتشافات العلمية المعاصرة ونسبتها إلى الإسلام نوعًا من الاحتكار المعرفي. وقد يذهب البعض الآخر إلى أن الادعاء بالسبق التاريخي للإسلام إلى إثبات تلك الحقائق، هو في واقع الأمر ادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة. وقد يخلص فريق آخر إلى أن هذا الادعاء بامتلاك الحقيقة وذلك الاحتكار المعرفي من شأنهما أن يقفا سدًا منيعًا في ربط جسور الحوار الجاد بين شتى مكونات المجتمع الإنساني على اختلاف معتقداتها وثقافاتها وأعراقها ولغاتها.
الصفحة 59 من 432