هذه اللحظات تشهد أنّك ما تزال تحت ثقل اختبار قاسٍ، ليس بمقدورك أن تهرب منه إلى الظل البعيد! ولا أنْ تقبعَ في حجرة نائية تعيش وحدك كي يكون العذاب سراباً بالعزلة؛ لأنّك لا تقدر في هذه الساعة أن تعيش لنفسك فترصد من الهواء المتحرك عطراً زكياً تتنشقه وحدك، وتمنع غيرك من الاقتراب منه!
فلولا المشقة يا صاحبي، ساد الناس كلّهم، ولكنّ الجود يُفْقر والإقدام قتّالُ!!
تعددت ترجمات مصطلح Benchmarking من قياس أو تحديد المعايير، المعايرة النموذجية، اختبار الأداء، المقارنة المرجعية لقياس وتحسين الأداء، قياس مرجعي، وضع مقاييس مرجعية، اتخاذ مراجع إرشادية، ولكن يمكن الاتفاق على استخدام ترجمة المقارنة المرجعية لهذا المصطلح؛ نظرًا لشيوع استخدامه لدى العديد من الباحثين في الإدارة العامة العربية.
ويعتبر مصطلح المقارنة المرجعية من المصطلحات العلمية الحديثة، إلا أن تطبيقات وممارسة جوهر هذا المصطلح في الإدارة تعود إلى عام 1810م، عندما قام رجل الصناعة الإنجليزي Francis Lowell بدراسة أفضل الأساليب المستخدمة في معامل الطحين البريطانية للوصول الى أكثر التطبيقات نجاحًا في هذا المجال، ثم جاء بعد ذلك في عام 1913 رجل الصناعة Henry Ford الذي قام بتطوير خط التجميع كأسلوب صناعي متميز من خلال قيامه بجولات في مواقع ذبح الأبقار في شيكاغو. وكانت اليابان من أولى الدول التي تطبق هذا المفهوم على نطاق واسع في أوائل خمسينيات القرن الماضي؛ حيث ركز اليابانيون جهودهم على جمع المعلومات، واستقطاب الأفكار، ومحاكاة الشركات الأمريكية أثناء زياراتهم لهذه الشركات، وكانت هذه الزيارة تهدف إلى الحصول على المعرفة وتكييف ما شاهدوه لخصوصيتهم اليابانية والاستناد عليها في إبداع منتجاتهم ومبتكراتهم في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات وقبل أن تكون تسمية المقارنة المرجعية موجودة في قاموس الأعمال. ثم انتقلت تطبيقات هذا الأسلوب إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تعتبر شركة (Xerox) هي الرائدة والمؤسسة للمقارنة المرجعية كتسمية وكأسلوب علمي يعتمد خطوات محددة تؤدي إلى تحسين أداء المنظمات، وذلك في عام 1979.
يقول الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر في لقاء صحفي نادر معه: (أن الذي لا يهمني هو الذي يهمني) هذه الجملة البسيطة التي تجعل للمثقف الحق في أن يتدخل في كل شيء؛ لأن المثقف لا يمتلك سلطة فهو ليس كالسياسي الذي يمكنه استعمال كل الوسائل من أجل قضيته، فالمثقف في المجتمع الرأسمالي قد يناضل من أجل مجتمع مخالف لكل القيم الرأسمالية فقد يدعم الثورة الكوبية أو يدعم الثورة الجزائرية أو يدعم الثورة الفيتنامية؛ لأن المثقف لا يملك تلك السلطة التي تجعله يتمكن من مقاضاة الحكومات الظالمة، فهو يبقى في حالة متضامن، ومن حق كل المواطنين غير المنتمين السعيُ من أجل تحقيق العدالة؛ لأن كل القوانين التي تحكم العالم هي قوانين المنتصرين في الحرب العالمية، فهي تمثل عدالة المنتصر في الحرب الذي هدفه الإمبريالية والنصر في الحرب لا يعني العدالة. إن الذي يعتقد به سارتر يبدو للوهلة الأولى أمرًا لا يهم الأمة العربية التي تحولت الى دول متنوعة في أنظمة الحكم، لكنها في حقيقة الأمر هي عالم عربي كبير، يعمل فيه المثقف العربي بكل راحة ولا يفرض عليه جواز سفر، فقد تدخل النت وأنت المثقف الجزائري وتتصفح الجرائد المصرية وتقرأ صفحة الأحداث في مصر، وقد تتصفح الجرائد الأردنية وتقرأ مقالة عن جامعة أردنية يُعقد فيها ملتقى طلابيٌّ عن القضية الفلسطينية، وهذا يعني أن المثقف العربي قد يكون ذلك الشخص الذي يهتم بالأمور التي لا تهمه؛ لأن الإنسان العربي - إن جاز لي أن أسميه بهذا الاسم- قد لا يكون عربي الأصل لكن عربي الثقافة، وهو الشخص القادر على الكتابة باللغة العربية والتكلم بها؛ لأنه يجب عليّ أن أعترف بالأمازيغ والأكراد الذين يعيشون معنا في هذا العالم وهم يشاركون هذه الأمة العربية تحدياتها الحضارية تحت مسمى الانتماء إلى الحضارة العربية؛ لهذا فالإنسان العربي
في 21 مارس من كل عام نجد كثيراً من شباب وبنات المسلمين يقومون بمراسيم الاحتفال بما يسمى بــــــ (عيد الأم)، ظناً منهم أن ذلك فعلٌ يؤجرون عليه؛ لأن بر الوالدين من أفضل الأعمال عند الله تعالى، فيُحضر الشاب أو البنت لأمهاتهم الهدايا والورود والشموع والحلوى وغير ذلك، وربما يقومون بترتيب حفل عيد ميلاد، وتعلو وجوههم البهجة والسرور، وقلوبهم حسنة النية رغبة في الإحسان إلى أمهم التي أوصى الله تعالى بالإحسان إليها وللأب، فقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " (الإسراء:23).
من الواضح أن تنظيمات المجتمع المدني لا يمكن أن تكون فاعلة في سياق عملية الإنتقال الديمقراطي؛ إلا في ظل بنية ثقافية تقوم على ترسيخ قيم ومبادئ الممارسة الديمقراطية. فمن أبرز أسس تطويـر المجتمع المدني وبعث الريادة والفعالية في نشاطاته نشر قيم المشاركة والمواطنة والانتماء في المجتمع. وفي هذا السياق تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به المؤسسات الثقافية داخل السياقات المجتمعية المختلفة. إن نشر ثقافة المشاركة تمثل في واقع الأمر أهم الركائز المساهمة في بناء الديمقراطيـة، ليس فقط في المجالات العامة؛ بل أيضا داخل الأسرة والمدرسة، والنقابة والحزب ومجمل الأنماط السائدة والتنظيمات المترامية الأطراف.
إن التصور الأسلم لما ينبغي أن تكون عليه علاقات المسلمين مع غيرهم من أبناء إنسانيتهم المواطنين، من النصارى واليهود، أو غيرهم من أهل الملل الأخرى؛ مغاير تماما لما هو عليه واقع الدول العربية والإسلامية في الوقت المعاصر، فالواقع شيء والتصور الأمثل لهذه العلاقات شيء آخر، والعمل على تنزيل هذا التصور الراقي في التعامل مع المختلفين يحتاج إلى استيعاب هذه الرؤية ومحاولة فهمها، وفهم مقاصدها الدينية وأبعادها الوطنية؛ والتي من شأنها أن تسهم في الحد من الاستقطابات العنصرية سواء أكانت دينية أم سياسية أم عرقية؛ في كثير من الدول التي تكثر فيها الأقليات الدينية المختلفة.
الصفحة 54 من 432