هو عربي خالص-ولم أشك في ذلك-، فقد كنتُ أعرفه منذ نعومة أظفاري، بل الكل يعرفه، فهو من أرض بلاد الضاد، اسمه ولباسه وثقافته ولغته عربية صرفة، هذا ما فتحت عيني عليه، وكان مضرب المثل في الشجاعة والإقدام والتي تمثل جزءً من القيم العربية والإسلامية التي صاغته شخصاً وسلوكاً وهوية، ليصبح بمثابة “الأسطورة” في الثقافتين العربية والإسلامية. أصبح مذكوراً في الكتب والروايات، والعديد من الصور الثقافية الأخرى. ولما رأيته في تلك الدار، بدا غريب السمات وتغيرت لهجته بل لم يعد فيها شيء من أحرف الثماني والعشرين العربية من شيء، ولم يقتصر الأمر على تغير الملامح واللغة بل تغيرت سلوكياته وأصبح ذا “هوية” جديدة، فما الذي حصل لصاحبنا العربي الأسطورة الذي ما إن رآني في دار السينما حتى بادرني بالسؤال عن حالي بالقول “How are you my friend?
لعجلة تدور, رحلة ٌ استغرقت نصف ساعة من العاصمة باريس في طريقٍ جميل تستلقي على دفتيه مساحاتٌ خضراءٌ شاسعة, الجو معتدل مع القليل من النُسيّمات الباردةِ المُنعشة, العينُ تبصرُ من النافذةِ وتتأمل, والفكرُ يجول في أرجاءٍ شتى..
من بعيد لاحَ لي طيفُ القصر, باعثـًا في نفسي روحَ الطفولةِ وبعضًا من ذكرياتها, قبل ثلاثِ عشرة سنة زرت المكان, ولكن لا أكاد أتذكر منه شيء ! إلا بعض الصور التي التقطتها هنا وهناك, وبعض الألعاب التي ابتعتها منه وبقيت في عهدتي بضع سنين ..
(( سقطت عذراء جاكرتا شهيدةً وفي يدها وردة حمراء ذات أشواك, وعلى ثغرها ابتسامة رضا, وفي جبينها مصحفٍ صغير, تبلل أهدابها الطويلة دمعة عشقٍ خالد )). أتذكر أن هذا المشهد النضالي من الرواية الملحميه " عذراء جاكرتا " للأديب الإسلامي "نجيب الكيلاني", نُوقِشَ إثر عقد الملتقى الدولي للأديبات الإسلاميات في القاهرة مذ فترة. وقد احتدم النقاش حينها بين الضيوف حول ' صورة المرأة المُسلمة في الأدب والبُعد الإلتزامي في تشكيلها ' وامتداد تأثيرها في ذهن القارىء,. حيث يتضح لنا من خلال هذا المشهد الصورة الترميزيه التي سعى إليها الكيلاني للمرأة التي تنذر نفسها للدعوة والاستشهاد في سبيل الله. ومُقارنتها بصورٍ أخرى يسعى الأدباء المُتحررين عادةً الى ترسيخها في رواياتهم عن المرأه الفاتنة إلى ترمز إلى الشهوانية المُتقدة, وحصر المرأه في قالب ثقافة الجسد.
أحيانا نمر بمواقف عابرة و روتينية و متكررة فلا نلقي لها بال و لا نتفحصها لنرى خفاياها و نتدبر خلفياتها, فهذه هي الحياة عميقة في مدلولاتها سطحية في معطياتها و هذا ما حدث معي في سفرة قصدتها مع عائلتي للراحة و التغيير.
ليس ثمة فرق كبير بين الولايات المتحدة الأميركية ، والإتحاد الأوروبي ، فيما يخص الإستيطان الإسرائيلي في القدس والأراضي الفلسطينية الأخرى . الإستيطان بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية مفتوح على مصراعيه . وليس ثمة ما يحول دون استكمال مشروعه . والقدس ، وإن كانت رسميا لم تعلن عاصمة أبدية لإسرائيل ، إلا أنها تعامل على أنها العاصمة الفعلية لها .
الصفحة 182 من 432