أثبتت الرئاسيات الجزائرية الأخيرة على دينامية الساحة السياسية ،ولو أن نسبة المشاركة الإنتخابية كانت تحت الستين بالمائة إلا أنها برهان جديد على تموقع الهاجس الشعبي في خانة البحث عن مخرج من المحنة.وبما أن عبد العزيز بوتفليقة كان يمثل هذا الهاجس فقد طاله الاختيار الشعبي ومكنته الصناديق من ولاية ثانية على رأس الرئاسة في الجزائر.
اهتمت الرواية المصرية التي اتخذت من القرية فضاءً لأحداثها وشخصياتها بتصوير شخصية "العمدة"، فهو ممثل السلطة التنفيذية، والنائب عنها في إدارة القرية، والعمدة ـ في الواقع ـ "شخصية لها حضور مؤثر وفعّال بالنسبة للإدارة والناس على السواء، فالإدارة تلجأ إليه لتلبية إرادتها، وهو يلجأ إليها لتلبية رغباته، والعلاقة بينهما علاقة سُرِّية، فوجوده مرتبط بوجودها، ولذا فإنه لا يستطيع الانفصال عنها أو التمرد عليها، إلا إذا أوتي خصائص معينة"(1).
ولقد قدّم ثروت أباظة صورة نموذجية للعمدة في روايته "هارب من الأيام"، كاشفاً عن شخصية حاكمة، متسلِّطة، مرتشية، تحكم بالهوى، وتأخذ من الدين قشوره وظاهره، ورسمها في هذه الصورة المعبرة:
على الرغم من التحديّات الكبيرة المحدقة بالعالم العربي , و على الرغم من سوداوية الواقع السيّاسي والإقتصادي والثقافي والأمني والحضاري فإنّ البعض في هذا العالم العربي يحاول القفز على هذا الواقع بخيارات لن تزيد العالم العربي غير تراجع وإنحطاط من قبيل ثقافة سوبر ستار الذي تبثّه قناة تحمل شعار المستقبل و القادم من الإيّام .
غريب أمر هذه الحداثة التي ما إن تقرا لواحد من نقادها فكأنما تقرا الجميع،وغريب أمر ثقافتنا التي عرفت أساتذة متعصبين لإعلام حداثيين لاينون يذكرونهم متباهين مكررين قائمة المصادر الأجنبية التي يرجعون إليها والأسماء الإفرنجية التي يغرفون من مصادرها،ولا هم لهم غير الظهور بمظهر العارف الذي يطل على القراء من برج عال يشفق على من لا يعرفون لغة أو مصطلحا أو مؤلفا أعجميا ،لدرجة يصبح معها المثال "سوسير"أو"بوشلار"أو"رولان بارت"أصناما لابد من الطواف حولهم والتبرك بهم على طريقة الجاهلية الأولى،حتى أن مصطلحات هؤلاء النقاد تبدو مرتبكة غير محددة الملامح يجد القارئ نفسه ضائعا بين مصطلح النقد الحديث والحداثة والرواية الجديدة والرواية الضد والرواية النفسية وتيار الشعور والعدمية واللاشيئية والوجودية.
(الموت) كلمة قليلة في حروفها ضئيلة في مبناها لكنها تنضح بدلالات موجعة تنفر منها النفوس والأرواح وتقشعر لها الجسوم والأبدان ولا تقوى على احتمالها شمّ الرواسي ,ولو أن صورة الموت المعنوية تشخصت على أرض الواقع لكانت صحراء قاحلة يسكنها الظمأ والجفاف ,ولا تسمع بها سوى عزيف الرياح الموحشة .
تعتبر الإنتخابات الرئاسيّة في الجزائر حدثا غير عادي لإرتباطها عضويّا بالإرادات الحقيقيّة التي ترسم المسار السياسي للجزائر منذ إستقلال الجزائر سنة 1962 , و دعوة الشعب الجزائري للمشاركة في هذه الإنتخابات هو من قبيل الإيحاء بأنّ الشعب هو لاعب مهم في العمليّة الإنتخابية فيما هو لا يقدّم ولا يؤخّر في صناعة الرئيس الجزائري الذي سيتربّع على كرسي الرئاسة في قصر المراديّة .