كل خسارة كيفما كان حجمها..تقبل أن تكون ربحا عظيما..وكل شئ مادي أو معنوي..هو قابل للتعويض و المراجعة..إلا العمر إذا تقدم بصاحبه..فلن تقدر الجن والإنس مجتمعه و متحالفة..أن تعوض ساعة..بل ثانية منه. شباب الجزائر اليوم..احتالت عليه السنين الخدّاعات..لتفقده أجمل أيام عمره..و تبقيه طريح الفراش..يرقب الغد الأفضل و يأمل الخير فيما تبقى و لو قليلا من عمره..لقد طال انتظاره..و طال سفره في فضاءات الأحلام الوردية..إن كل يوم تشرق شمسه يراه نسائم أمل..قد.. تنتشله من شرنقة الليل الأسود.و لكن في الجزائر كل شيء مؤجل إلى حين..و متى يأتي هذا الحين..الله أعلم.
إثناعشر سنة على إغتيال الإرادة الشعبية مرت، كما لو أنها مجرد لحظات.. لكن آثارها من دون شك بالغة السوء، وجروحها أعمق في الكيان النفسي للشعب الجزائري.. فالانقلاب المشؤوم الذي حدث في تلك الليلة الباردة من 11 جانفي 1992، فجر أزمة رهيبة لم تعرف الجزائر مثيلا لها في تاريخها الطويل، وأدخلت تلك المغامرة "للعينة"، أدخلت البلاد في فتنة غير مسبوقة، وأخرجت الطرف الأكثر استقطابا في الشارع الى تحت الأرض،والنتيجة "200 ألف قتيل، و20 مليار دولار خسائر، و1 مليون منكوب ومتضرر، وآلاف المفقودين" ومازالت شظاياها تصيب الجزائريين إلى يوم الناس هذا..
*) كل عيد يا وطني وانت بخير.. أنت تصحو مرة أخرى على صباح عيد التضحية والفداء ، وكم صحت عيناك من قبل على مدار الأيام والسنين على مثل هذا الصباح . ها أنت تصحو تفتح ذراعيك تتنسم عبق نسائم الحرية المعطرة بأنفاس أجيال من عشاقك اصطفوا جيلا فجيلا يقدمون لك فروض التضحية والفداء .
*) أيها الأب الحنون والأم الرؤوم .. في أحضانك وبين ذراعيك وتحت ظلال أفياء حبك الغامر هذا المدى يولد أبناؤك يلوّن عيونهم شوق لرؤيتك ترفل في عباءة المجد والحرية .. يخفق في قلوبهم عشق لا ينطفىء ضرامه رغم أعاصير الأيام السوداء .. في أيديهم تتهادى مناديل بلون ثراك وأطيارك وأزهارك وسمائك ونجومك وأقمارك .. في أشواقهم حرارة شمسك التي لا تعرف الانطفاء والغروب .
مثلما يرث الأفراد عن آبائهم وأجدادهم بعض الخصائص والصفات التي تبقى ملازمة لشخصيتهم مدى حياتهم , فإنّ الأمم هي الأخرى ترث عن الأمم التي سبقتها الصفات والخصائص التي تميزّ هذه الأمة عن تلك .
وبالإمكان التأكّد من هذه المعادلة من خلال إستقراء راهن أمة ما من الأمم و مقارنة هذا الواقع بماضي هذه الأمة ومميزات بيئتها ورجالاتها وفكرها وثقافتها وشعرها في الوقت الذي إنعدم وهو الماضي والوقت الراهن الذي تؤدّي فيه هذه الأمة دورها .
حينما يجثم ليل الهزيمة على النفوس بكلاكله الثقيلة,وترسف الأكف في أغلال الذل وسلاسل الاستعباد يتلفت الناس يمينا وشمالا باحثين عن بصيص من أمل يعيد إلى العزائم المتراخية ثقتها ويبعث في ركام اليأس الأسود ومضة من تفاؤل وبريقا من كرامة بعد أن كاد الرماد أن يطويهما إلى غير رجعة .إن تضحيات الأبطال وقوافل الشهداء تمثل بلا ريب رصيد الأمة من العز والفخار,ويزيد هذا الرصيد نفاسة وقيمة حينما تأتي تلك التضحيات في زمن الذل والانكسار ,لأنها لا تقاس حينئذ بما تحققه على الأرض من مكاسب وانتصارات ولكن بقدر ما تحييه في النفوس الواهنة المستكينة من قيم الجهاد والكفاح ومعاني البذل والفداء!.
لطالما كانت المرأة ضحية التفسيرات الدينية المبنية على قاعدة قيمية ثقافية اساسها منطق ومفاهيم القبيلة والعشيرة بإعتبارها الاشكال الاولية للتنظيم الاجتماعي الضابط، والقوة والضعف الذي اساسه بدائية الانسان والتي اسست على قاعدة شريعة الغاب، حيث البقاء والسلطة والسيادة للاقوى، وفيه يتم اخضاع المرأة كونها (مخلوق ضعيف) لمنظومة متشابكة تخدم وتكرس مصالح هذا (الاقوى).
وهكذا بنيت ثقافة الرجل باعتباره الاقوى على قاعدة شريعة الغاب.
والحديث عن المرأة في العراق اليوم يقتضي تشخيص ان غياب الدور المؤثر للأحزاب والحركات السياسية والفكرية ومؤسسات المجتمع المدني ونتيجة لممارسات النظام السابق، سبب كبير بل رئيسي في حالة التأزم الكبيرة التي هي عليها الآن.