كنت فقيرا و غريبا و قصاصا و ممثلا و مخرجا. و حالما بهذا النيل و بحر الاسكندرية.. كنت الوحيد الذي رأي الاسكندر الاكبر يصعد من الماء و هو يركب حصانه و يدخل إلي البلاد و ينشأ مدينة الاسكندرية.. و يتجمع المصريون و يسمونه فرعون.. و يعلنون أنه إله و أن الالهة اختارته يكون أكبر الالهة.
جلس علي المقهي فتح الجريدة.. في ميدان الجيزة.. وسط زحام شديد.. إنه أكبر مكان للتلوث في العالم.
في يوم من الأيام كان هناك هضبة ، و كان فوق الهضبة بيت صغير جميل جداً، له باب صغير أخضر اللون ، و له أيضاً أربع نوافذ ذات أبواب خضراء.
كان يعيش في المنزل ديك و دجاجة و فأر صغير.
في الهضبة المقابلة القريبة من الضفة الثانية للنهر كان هناك منزل آخر. كان منزلاً بشعاً ، بابه لا يغلق جيداً ، و نافذتاه مكسورتان. و كان يعيش فيه ثعلب كبير وسيِّء مع أبنائه الثعالب الأربعة السيئين.
نزهة
غسل وجهه وعلق ابتسامة على وجه الصباح ، وقصد باب الله .
ما تزال في ذهنه أوجاع تطفو على قسمات الوجه الحليق ، بعد أن فقد طوال سنتي الانتفاضة عمله ، وارتعاشات الشفاه ، عندما كانت زوجته منى تساهر المساء لتنوم الصغار ، تهدهدهم بأغنيات حزينة ذابلة ثم تتوسد ذراعها بعد ان أخذ منه التعب كل مأخذ .
وقبل ان يعود في المساء باغته جندي طالبا بطاقته مخاطبا إياه :-
- أنت مطلوب يا حسن .
صوت من الخلف
- ستذهب معنا قي نزه .
كانَ يَسعى..
هل سَبَقَ و أن رأيتَ أحدُهُم يَسعى! أحدُهُم يَسْعى لأنّه يتكبّدُ نضحَ زفير لطاقةٍ مُسيّرة تُختزلُ في لحمِهِ المَلبوس.
كانَ واحداً يَسعى..
و ذابَت نظّارته من حرارة الشّمس المُعلّقة في المَسْعى، و ساحَت جلدةُ قدمهِ من تكرار الاحتِكاكِ مع قشرةِ أرضِ لم يجد غيرَها، و انتفخَت أحشاءُهُ من ناحيةِ البَطن لتعفّن بكتِيريا لمْ تجد ما تقتات عليهِ حتّى انفجرَت كلُعْبةٍ تُفاجئُ الأطفال
( 1 )
-ما بال العصافير .. لا تنام !!
لا زالت توارى خجلها ، كلما رأتني أزنُّ في رأسها ، حتى قالت :
-حرية إلي أين ؟
فقلت :
-حرية إليَّ .
وضحكنا عالياً رغم الحمرة التي خضبت وجهينا .
انتابتني الرغبة للوصول إلي حل نهائي تجاه المشكلة التي اعترضتنا بالأمس ، لابد أن أحدثها الآن بالتليفون ، أوضح وجهة نظري وإصراري على رأيي . تحركت ببطء ، رفعت السماعة ، طلبتها وانتظرت :
- هل أراكِ اليوم ؟
- طبعـًا لا .
أردفت قائـلاً بعد فترة صمت خاطفة :
- ربما في الأسبوع القادم !
وضعت السماعة دون تفاصيل أو تحديد موعد ، أغلقت النافذة ، وأنا لا أدرى بما يدور في رأسي سوى الرغبة في الخروج من صندوق القلق ، وكل شئ يحيط به . فتحت الباب ، نزلت إلي الشارع .
تلقفني وجه الشمس الحار ، زاد من توتري ما لفظه في وجهي من عرق . أخرجت منديلاً ورقيـًا ، جففت عرقي ، أطبقت عليه بإصابعي ، تخلصت منه في أول صندوق مثبت على عمود الكهرباء .
كنتُ أظنُّ المستنقعاتِ ضحلةً عندما أردتُ وصفَه بالضَّحالةِ، لكني تذكَّرت كيف يغوص فيها مستكشفوها، فابتعدت عن هذا التشبيه لأنني ما عدت أراه عميقاً ، و أكره محاذاته فكيف الخوض فيه!
كبرت بعيني كلمة ضحلٍ ، بعد أن كانت قميئة كوصفها ، والسبب أنني فكرت فيها ملياً قبل وصمها بذاك الشخص!.