حكيت ل ( كلارك) كل ما حدث فنصحني بألا أثق في امرأة في الأربعين ترتدي بيجامة قرمزية. لا أعرف لماذا بدت لي نصيحته ذات أهمية، ربما لأنه الوحيد الذي أحادثه في برشلونة . وضع كلارك آخر كأس في آلة التنظيف ثم التفت إلي و واصل : و لا في امرأة لا تبتسم أبدا .
ابتسمت له دلالة على أنني قد فهمت و لا داعي لمواصلة نصائحه لأنني لن أثق في أية امرأة بعد الآن لو وضعت نصائحه حلقة في أذني كما يطلب مني دائما و هو يرفع حاجبيه و يلوح بسبابته موحيا بالحكمة التي لا نهاية لها. -
دبّ الرعب الشديد في قلوب طالبات ثانوية البنات ، أثناء محاضرة عن عذاب القبر الذي يلقاه كل ميت ، سواء كفر أم كان كمن اهتز لموته قبر الرحمن( إشارة للصحابي الجليل سعد بن معاذ) كما جاء في محاضرة الإشراف (التربوي!) مما أدى إلى تساقط بعض الطالبات ، مغمى عليهن من شدة التصوير و الإرهاب النفسي الذي تعرضن له.
رغم ذلك لم تتوقف المحاضرة ، واستمر تصوير شكل منكر ونكير (المرعبين) في حين تتناوب المعلمات والطالبات في نقل المغمى عليهن إلى فسحة المدرسة . و مما جاء بوصف الملاكين أن السن الواحد فقط في فم أيهما يزيد حجمه عن حجم جبل ، فويل للمرء من ذلك اليوم المحتوم!!!
لم أجد أي دار عرض في الإسكندرية، تعرض "سجين أزكابان"، وهو الجزء الثالث من سلسلة روايات وأفلام "هاري بوتر" لمؤلفته الكاتبة الإنجليزية ج. ك. رولينج، وبالبحث وجدت دار عرض وحيدة بالقاهرة، تعرض هذا الفيلم، موجودة بالسوق المركزي التجاري لأحد الفنادق الكبرى في وسط البلد.
كنت قد قرأت الترجمة العربية لهذا الجزء في الصيف الماضي، والتي قام بها أحمد حسن محمد، وصدرت عن دار نهضة مصر، لذا حرصت على مشاهدة الفيلم لأطابقَ بينه وبين ما قرأته في الترجمة العربية
لمَّا دخل " عودة " من باب الخيمة ، ألقى السلام ، وانحنى علي يد أبيه يقبل ظاهرها ، وجلس أمامه . كان أبوه الشيخ " سالم " قد دعاه .. فقال :
ـ خيراً يا أبي ؟ " .
كان الليل شتاءً صافياً إلاَّ من بعض النسمات التي تعبث بشعر الخيمة القائمة علي دعائم خشبية قوية ..
ـ " اشرب الشاي يا عودة الأول " .
مدَّ " عوده " يده صوب ركية النار ، وأحس الدفء الصاعد من الجمرات الصاحية ، وحمل البكرج في يد ، وصبَّ الشاي في الكوب بيده الأخرى ، ثم أعاده . رشف أول رشفة بصرير واضح ، وعلي رشفات الشاي الساخن ، سأل الشيخ " سالم " ولده عم من يهوى قلبه من بنات القبيلة كي يخطبها له ، فلقد قرر تزويجه :
ـ " لقد صرت رجلاً يا عوده " .
ـ " أنا لا أريد الزواج الآن يا أبي " .
قفزتْ أمامي معلقةُ شاي صغيرة، إثر صوت ارتطام صاروخ سكود بمبنى الأحوال المدنية بشارع الوشم. كنت وقتها مع أسرتى في الحجرة التي أعددناها للاختباء من الغازات الكيماوية التي من المحتمل أن تحملها رأس الصاروخ. قامت زوجتي ببلل بعض الملاءات ونشرناها على الشباك الوحيد المغلق والمطل على المنور الجانبي بعمارة المعجل بشارع البطحاء. وقمت بتجهيز الكمامات الواقية التي استلمتها من الشركة التي أعمل بها.
عند ارتطام الصاروخ بالمبنى البعيد، أحسسنا أن عمارة المعجل ترقص وتهتز بشدة، ونحن بداخلها، نتفجر رعبا. ومذيع التلفزيون يقرأ الفاتحة ويترحم، ويطلب من الله تخفيف القضاء. كنا نتابع أحوال الدنيا وأحوال أم المعارك من التلفزيون الذي ظل يبث إرساله رغم أن صاروخ سكود كان يقصد مبناه، ولم يكن يقصد مبنى الأحوال المدنية.
قلنا : نلعب فرقة لفرقة . وكنا ستة صبيان ، قسمنا أنفسنا إلى فريقين : إسماعيل وإبراهيم وأنا في فريق وعلي وحسين وسيد في فريق ، اعترضت في البدء على هذه التقسيمة ، أنا لا أحب إسماعيل ولا أحب اللعب معه ، وإبراهيم يكبرني بثلاث سنوات ، كان يضربني في المقاومة اليدوية ويقول للخولى الواقف أمامنا أنني ورائي علامة فيضربني هو الآخر والشمس حارقة وعلامة واحدة تترك الأرض دوداً ، لم أعد اذهب الآن ، كان فريقنا هو الأقوى ولذلك تراجعت ووافقت على اللعب كنت أفضل أن أكون مع سيد .
حظة خروجي من القطار .. توقعت أن أجد ضباط الشرطة بنجومهم الذهبية في انتظاري .. أخذت أحدِّق في الملابس والوجوه والأكتاف الواقفة ..
لمحتُ ضابط شرطة بثلاث نجوم على بعد ثلاثة أمتار ..
قلتُ لنفسي: هذا هو النقيب الذي سيقبضُ عليَّ ..
نظرتُ إلى السماء فارتطمت نظراتي بسقف المحطة الحديدي، فتصنعت التماسك والهدوء.. عندما اقتربتُ منه حاولتُ أن أشيح بنظراتي عنه إلى أن يتقدم هو ويسألني: هل أنت فلان؟
رأيتُه يسرع نحوي .. تجاوزني .. تجاوزته والتقطتُ بعض أنفاسي ..